حتى بعد مرور 74 عامًا على احتلال فلسطين، لم تصبح النكبة حدثًا عاديًا، فشظاياها لا زالت ماكثة في عمق جرحنا الفلسطيني النازف، هذا ليس توصيفًا تراجيديًا بل حدثًا نعيشه في كل مرة نقابل فيها شخصًا ممن عايش النكبة واكتوى بنارها، والجغرافيا الممتدة للوطن بمدنه وقراه قبل أن يُقسم لن يشعر برحابته إلا من عاش بعد ذلك بين التقسيم والحدود. دموع السيد (سميح صبري سلطان) وصفت لنا البارحة هذه الفاجعة، التي لخصها باقتضاب وصوت مجروح بكلمة واحدة (ما أصعبها) ثم صمت طويلًا وهو يحاول أن يكبح عبراته. السيارة التي اقلته مع أمه عام 1948م، من الخليل نحو بيت جبرين ثم غزة قبل أيام قليلة من وقوع الكارثة وتقسيم البلاد لم تعرف طريقًا للعودة نحو مسقط رأسه، إثني عشر عامًا بعيدًا عن والده الذي لم يعرفه إلا من خلال صوره وحيدة، ولقاء واحد في ميناء غزة عام 1960م حينما أتى والده على متن باخرة سورية تحمل السُكر إلى غزة القابعة تحت الحكم المصري في عام الوحدة اليتيم بين سوريا ومصر، تفاصيل ومشاعر أكبر من أن تعبر عنها الكلمات. البارحة فريق التأريخ الشفوي الخاص بمختبر السرديات الفلسطيني التابع لنادي الندوة الثقافي في حضرة السيد "أبو صبري" سميح سلطان والعديد من التفاصيل التي تكتب فصولاً مجهولة عن نكبتنا في وطننا فلسطين.