بعد قيام دولة إسرائيل عام النكبة 1948 وتشتيت الجغرافيا الفلسطينية، حاول الفلسطينيون بكل ما أوتوا من وسائل بالحفاظ على الروابط الاجتماعية والاقتصادية فيما بينهم، بالرغم من الإغلاقات والحدود والعزل. قُطعت الطرق بين المناطق الفلسطينية، وعاش الفلسطينيون في شتات وحصار داخلي داخل كل منطقة (أهل فلسطين المتبقين في أراضيهم 1948 وأهل غزة وأهل الضفة الغربية)، يقول الحاج خالد أحمرو بأن التجارة ظلت قائمة بين الخليل وبئر السبع وغزة عن طريق التهريب، واستمر أهل مدينة بئر السبع والبدو بتفصيل ملابسهم في محلات الخياطة بالمدينة، حيث كانت مقاسات أجسادهم مدونة في دفاتر الخياطين عندما كانوا يأتون لتفصيل ملابسهم قبل النكبة، هذه التفاصيل الصغيرة تثبت على أن الاحتلال أصغر من إرادة أهل هذه البلاد. هجوم "برصي" في الحرب العالمية الأولى 1916م في هذا السياق كانت ذاكرة الحاج خالد أحمرو المولود في مدينة الخليل 1933م قوية وحاضرة وتحمل تفاصيل ذاكرة الأجداد، شارك والده في حرب "السفر برلك" في العهد التركي، ونال تدريبه العسكري في بيروت وعاد ليخدم في الجيش التركي نهاية الحرب العالمية الأولى على سواحل مدينة غزة، كانت والده ضمن كتيبة بلغ عددها 5000 جندي تحت إمرة القائد الألماني (فرنكوش باشا) وكانت تحتوي على مئات آخرين من الأفراد العاملين في ( البكّارة: جر المدافع والمعدات على البكرات والحبال) و (الحمّارة: ناقلي العتاد على الحمير والبغال) و (الطبّجية: مُعبئة المدافع بالبارود)، في إحدى المعارك الفاصلة نهايات الحرب وفي مشهد ملحمي بعد أن توقفت الإمدادات بفعل تفجير خط السكة الحديد، الذي كان يربط أواصر البلاد العربية وتركيا وألمانيا ببعض، أمر القائد العسكري الألماني كتيبته بتنفيذ هجوم "برصي" على الانجليز الذين أنزلتهم البواخر في ميناء غزة، قال: خلع أفراد الكتيبة ملابسهم وحملوا السنجات (الأسلحة البيضاء المثبتة على البواريد التركية) وركضوا باتجاه الجيش البريطاني المتمترس على ساحل البحر، كان القتلى يفرشون أرض المعركة، لم يستسلموا لكن ضعف الامدادات أجبرتهم على الانسحاب. هذا جانب من حوار فريق التأريخ الشفوي التابع لنادي الندوة الثقافي مع الحاج خالد أحمرو اليوم الاثنين الموافق 19/9/2022 في بيته، والشكر موصول لعائلته على حسن الضيافة والاستقبال.