شعرت ذات ليلة تحت سماء بيروت بألم في بطنها، حُملت إلى المشفى التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية بالقرب من شاتيلا قبل المجزرة وقبل الموت بسنوات طويلة. كانت المربية الفاضلة "سلوى دعنا" طالبة في قسم التاريخ في جامعة بيروت العربية، في المشفى كانت المفاجأة أكبر من أي شيء توقعته، لم تعرف أن ذاك الألم يرتب لها موعدًا لن تنساه، في غمرة الوجع لمحت وجه تعرفه جيدًا، وجه لشخص تاه منها لسنوات طويلة، وجه لم يتعرف عليها وهي تحملق في تفاصيله، اقتربت منه وعرفته بنفسها، احتضنها طويلًا، بكيا في بيروت كما الجميع ثم ضحكا كما الكثيرون. عمها الذي تاهت أخباره في دهاليز الأيام، تعرف أنه مجند ضمن صفوف قوات الردع العربية ولكنها لم تعرف له أرضًا بعد أن غادر الخليل، تتذكر السيدة "سلوى" بيته على نهر بردى في ريف دمشق عندما زارته بعدها بسنوات قليلة كما تذكر شواطئ بيروت وليلها الأثير مع صديقاتها من بنات المدينة اللواتي شغلن بكثرتهن بناية كاملة في ضواحي بيروت. بيروت لم تكن كأي مدينة في ذاكرة الفلسطيني، كانت تعادل كل شيء وجزءً حاضرًا في تفاصيل أيامنا وذكرياتنا منذ أن كانت السيارات والحافلات والقطارات قبل الاحتلال الاسرائيلي عام 1948م لا تضل وجهتها إلى هناك كل يوم. أمس الثلاثاء 6/9/2022 فريق التأريخ الشفوي التابع لنادي الندوة الثقافي في ضيافة المربية الفاضلة "سلوى دعنا" التي فتحت لنا أرشيف زخم من الصور والوثائق التي يرجع عمر بعضها لأكثر من 120 عام