مدينة الخليل 1940-1948، رحلة في المستحيل في شهادتها الشفوية عن المدينة وامتدادها التاريخي والجغرافي حملتنا السيدة "رسيلة إمام" معها في رحلتها التي قامت بها عام 1942 إلى مصر مع أمها من أجل زيارة أخوالها هناك، كان الأمر سهلًا جدًا، أسهل حتى من قدرتنا على التخيل، قالت خرجنا من الخليل إلى القدس ثم يافا، ومن محطة القطار توجهنا مباشرة إلى القاهرة، هي عادت ونحن علقنا في ذاكرتها، نحن أجيال النكبة الذين لا نستطيع أن نسافر إلى القدس حتى في صندوق للموتى. هذا الامتداد الجغرافي لم يكن اقليميًا فقط بل كان عالميًا ولم يكن محصورًا في فضاء معين، موانئ فلسطين كانت قِبلة لكن سكان العالم، فوالدها الذي كان يُدخل القمح الأسترالي من ميناء يافا إلى مدن فلسطين، كان في ذلك يثبت للحكومة البريطانية بأن الفلسطينيين أصحاب الأرض قادرين على تجاوز تعليمات الحكومة التي كانت تحدد استهلاك السلع الأساسية كالسكر وفق نظام حصص محدد، والشاحنات الأمريكية التي استوردها من ميناء حيفا كانت أحق من مدرعاتهم بشوارع البلاد، كانت تتحدث وترسم ملامح الأرض التي شوهها الاحتلال. في هذا السياق رسمت لنا ملامح الناس المفقودة في أرشيف المدينة ( الدكتورة المسيحية زكية) التي تعرفت على صورتها في أرشيفنا بشعرها الأسود اللامع وحقيبتها الجلدية، حيث كانت مضربًا للمثل في الاخلاق والخير والتسامح، وحينما ماتت التف أهل المدينة حولها يودعونها بأسى وحزن. تنتمي السيدة رسيلة إلى عائلة من أشراف المدينة سكنت في السرايا خلف الحرم الابراهيمي الشريف، هذه العائلة التي أوكلت لهم مهمة سدانة الحرم الابراهيمي الشريف، خاصة الحضرة اليعقوبية، وتمتلك في أرشيفها وثائق مكتوبة بماء الذهب من الباب العالي في استنبول تمنحهم امتيازات خاصة باسم السلطان التركي. اليوم الثلاثاء 13/9/2022 في حضرة السيدة "رسيلة سعيد امام" من مواليد مدينة الخليل عام 1932م في حارة القلعة (من أقدم حارت الخليل كان فيها بقايا قلعة صليبية قديمة استخدمت في الفترات الإسلامية كثكنة للجنود/ تم هدم الحارة التي تقع شرقي الحرم في العهد الأردني 1965م) ولدت وترعرت ودرست في مدرسة بنات الخليل الأميرية وتخرجت منها عام 1949م في نفس العام الذي خضعت فيه الضفة الغربية للحكم الأردني. تفاصيل أخرى ستنشر لاحقًا