قبل (56) عامًا من اليوم استيقظ أهالي مدينة الخليل في صباح يوم 13/11/1966 على تحليق مكثف للطائرات الاسرائيلية في سماء المحافظة، كانت الضفة الغربية تتبع حينها للحكم الأردني بعد نكبة فلسطين 1948، الحرب التي تحدث عنها الجميع مرتقبة، شعارات القومية والوحدة والنصر، ولجنة التحرير العربي، حرب الاستنزاف على الجبهتين السورية والمصرية، كان الفلسطينيون ينتظروف الخلاص من هذا الكابوس الذي يسمى اسرائيل. بدأت الأخبار تصل المدينة، اجتياح اسرائيلي لقرية السموع وهدم للمنازل بحجة وجود قاعدة للمقاومة الفلسطينية ( المقاومة التي انطلقت بعد تأسيس منظمة التحرير عام 1965 وقادتها في البداية جبهة التحرير العربية قبل أن تنسحب من المنظمة/ شهادة بهجت أبو غربية). الطائرات الاردنية حاولت التصدي لسرب الطائرات الاسرائيلية لكنها انسحبت بناء على الأوامر لعدم تكافؤ القوة ( يقول العميد الركن فاروق عابدين: اليهود انتصروا علينا لأنهم كان معهم كل اشي حديث ومتطور، واحنا كان معنا الله) هذه الكلمات التي تحمل شيء من الهزل لخصت كل شيء وبات المشهد واضحًا، مدرعات وسيارات الجيش الاردني المحروقة على الطرقات، منازل السموع التي نسفت وعشرات الشهداء والجرحى، ولا شيء سوى نكسة بعد أقل من عام. هذه الجماهير التي تجمعت في ساحة البلدية كانت متعطشة للنصر وللحلم العربي في التحرر والوحدة، وما هي إلا عدة أشهر وعرف الفلسطينيون أزمة الشعارات ومدى وحدتهم في مواجهة الاحتلال الذي استملك كل فلسطين وأجزاء من الدول العربية في حزيران 1967، حتى مبنى البلدية سيمنع أن يستعمل وسيبقى فارغًا يراقب المستوطنة الاسرائيلية التي لا تبعد عنه سوى بضعة أمتار كيف تزحف كالسرطان ملتهمة كل شيء. كان خطأ الفلسطينيون من البداية أنهم آمنوا بصدق غيرهم في حمل البنادق في وجه عدوهم، اليوم كل تلك الفوهات أصبحت مصوبة على ظهورهم، وينعم الاسرائيلي بعطلة هادئة في حضن الكرّم. الصور من أرشيف مختبر السرديات الفلسطيني/مجموعة فاطمة دنديس.