خط باصات (الخليل-بيت جبرين- يافا) ومأساة النكبة لم يدرك الناس عام 1945م في مدينة الخليل حينما طالبوا بتجديد الحافلات التي تعمل على خط (الخليل-يافا) والتي كانت تنطلق خمس مرات يوميًا ذهابًا وإيابًا، أنه بعد ثلاث سنوات فقط لن يعد بمقدورهم حتى التفكير في السفر إلى يافا مشيًا على الأقدام. كانت فلسطين بجغرافيتها أكبر من أي شيء ويافا تستحق حافلات حديثة توافق متعة السفر، فسكان الخليل المسافرين إلى يافا لم يكونوا في رحلة عادية، بل كانوا في كل مرة يزورون فيها يافا في موعد جديد مع أحلامهم، فالذهاب إلى السينما لمشاهدة أفلام ليلى مراد، أو حضور حفلة لأسمهان، أو حتى التسوق بأفخر أنواع القماش، يستحق حافلة جديدة. كما أن احتجاج السكان بعد عامين 1947م على رفع تذكرة الركوب إلى 120 مل لم يكن حدث عادي، فيافا قبلة يومية للطالب والتاجر والعاشق والباحث عند أقدام البحر عن فرصة ليشاهد غروب الشمس بعيدًا عن ضجر الجبال. بعد أقل من عام على رفع تذكرة الركوب أصبحت يافا أبعد وتحتاج إلى معجزة ليتمكن الناس من زيارتها، سبعون عام على نكبة فلسطين 1948 وعلى آخر حافلة خرجت من الخليل وعلقت في نصف المسافة الفاصلة بين الواقع والأحلام، وتلك البلدات التي كانت تقرر خط السفر دمرت ومسحت عن الخارطة وأصبح سكانها مشردين في شتى بقاع الأرض . بقلم أحمد الحرباوي