في عام 1945م أصدر مدير مكتب المعارف في فلسطين بناءً على توصيات لجنة مختصة على ضرورة بناء مدارس ثانوية وابتدائية في محافظة الخليل للتمكن من استيعاب أعداد الطلبة الكبير من كل نواحي المحافظة للالتحاق بدرجات التعليم العليا، ولكن الحكومة البريطانية رفضت تلك التوصية ونوهت إلى عدم قدرتها دفع مستحقات بناء مدرسة جديدة وأن على السكان المحليين اقتطاع الميزانية من أموالهم الخاصة كنوع من الخدمة الاجتماعية مقابل توفير الحكومة مبلغ يقابل المبلغ الذي تم جمعه من السكان لإتمام المشروع!!! وبدأ العمل على جمع التبرعات فعليًا من خلال دفع 16 جنيه ونصف مقابل كل طن من السكر يدخل المحافظة، وثلاث جنيهات لكل طن من الطحين. في بداية عام 1946م جمع أهل المدينة مبلغ وقدره 30 ألف جنيه فلسطيني من ضريبة فرضتها الحكومة على السكر والطحين بدون تفريق بين الغني والفقير على كل أنحاء المحافظة، ولكن الحكومة رفضت دفع حصتها من المبلغ فعُقد اجتماع مع وجهاء المدينة ورئيس بلديتها والمعارف وعلى أثره قدم أهل المدينة احتاجًا على سياسية الحكومة في صحيفة فلسطين بتاريخ 8/3/1946، فانصاعت الحكومة للمطالب وقامت بتدشين حفل وضع حجر أساس المدرسة في ساحة الملعب الذي أنشئ عام 1940م. تم الاحتفال مع طلاب المدارس الأخرى والصناعات الحرفية وتم إقامة مهرجان كبير وُزعت فيه جوائز للطلاب المتفوقين خاصة في مدارس الزراعة والمهن، كما تم منح جوائز أخرى لأمهر الحرفيين، وتخلل المهرجان معرض للتحف الزجاجية والخزف والملابس والمطرزات، وفي تمام الساعة 3:00 مساءً (حسب جدول الاحتفال المرفق) تم تدشين حجر الأساس للمدرسة بشكل رسمي، وتم نشر مخطط المدرسة الهندسي على الصحف المحلية التي تكلمت عن المدرسة الأحدث في فلسطين، وتكونت المدرسة من عدة صفوف بالإضافة إلى مكتبة وقاعة مختبر للفيزياء والكيمياء وقاعة للأنشطة الترفيهية، وألحق بالمدرسة (نُزل للسكن/ للطلاب والمعلمين- اليوم النزل هو المقر الرئيسي لمبنى إسعاد الطفولة التابع لبلدية الخليل) ونزله الطلاب والمعلمين من كل الأنحاء لاحقًا، لكن في نهاية نفس العام احتج سكان مدينة الخليل على مماطلة الحكومة البريطانية في وعودها بإتمام بناء المدرسة. على صحيفة الاتحاد الصادرة يوم 18/8/1946 نشر أهالي المدينة عريضة مفصلة عن الخلل في المشروع، نتيجة المماطلة التي سادت لشهور في نظر الحكومة في طلبات العطاءات من قبل المقاولين وقدموا تقريرًا ماليًا مفصلًا عن التزامهم بدفع المستحقات المالية. تحت الضغط المحلي لإتمام بناء المدرسة ضاعفت الحكومة البريطانية في شهر نيسان 1947م الضريبة على السكر والطحين لتصبح 32 جنيه على السكر و 6 جنيهات على الطحين، فرفع أهل المدينة احتجاجًا للحكومة رافضين هذا القرار، ولكن الحكومة لم تتراجع في قرارها، وقامت بتمويل الباقي من بناء المدرسة من ميزانيتها قسرًا، لتفتح بشكل رسمي نهاية عام 1947م على مساحة 29 دونم، وتولى أ. عبد اللطيف عابدين ادارتها حتى عام 1950م، ثم أصبحت تسمى (كلية الحسين العربية) بعد الاحتلال الإسرائيلي وتولي الأردن حكم الضفة الغربية. بقلم أحمد الحرباوي