القليل من الناس يعرفون عن أثر فلسطين الكبير في النهضة الموسيقية العربية حيث كانت فلسطين مركزًا فنيًا مهمًا منذ بدايات القرن العشرين حتى الوقت الحاضر. أستطيع أن أوجز تاريخ فلسطين الموسيقي خلال المئة عام الأخيرة بمرحلتين أساسيتين: المرحلة الأولى: تمثلت في دخول شركة بيضافون إلى يافا منتصف عشرينيات القرن الماضي وأصبحت مركزًا مهمًا للتسجيل الموسيقي بعد مصر وبرلين، وهذا ساهم في توثيق الأصوات الفلسطينية والعربية على حد سواء، ومن أشهر مطربي فلسطين في تلك الفترة (رجب الأكحل اليافاوي، والمطربة ثريا قدورة القدسية، ونمر ناصر اليافاوي) ويحتفظ المتحف الأثنلوجي في برلين بالأسطوانات الأصلية لهؤلاء المطربين الفلسطينيين الذي أثروا وتأثروا بالحركة الموسيقيه العربية السابقة لهم ومن رموزها يوسف المنيلاوي وسلامة حجازي وسيد درويش وتفاعلوا مع المعاصرين لهم مثل أبو العلا محمد وزكريا أحمد، وهناك العديد من الأغاني الذي قدمها مطربي فلسطين اشتهرت فيما بعد على لسان أكبر مطربي العرب مثل أم كلثوم ومنيرة المهدية ونجاة علي وعبد الوهاب وغيرهم. للتوسع مراجعة بحث (جلال شموط: الأرشيف الفلسطيني المرئي والمسموع/ مؤسسة الدراسات الفلسطينية). المرحلة الثانية: مرحلة تأسيس دار الإذاعة الفلسطينية عام 1936م وإذاعة الشرق الأدنى فيما بعد، حيث عملت الاذاعات على خلق عصر ذهبي للموسيقى في الوطن العربي ككل، حيث انطلق منها العديد من المطربين العرب والفلسطينيين وأصبحوا من أعلام الموسيقى العربية ومنهم فلسطينيًا (ماري عكاوي، يحيى اللبابيدي، يحيى السعودي، رجاء الفلسطينية، روحي الخماش وفهد النجار وغيرهم العديد) وعربيًا انطلق منها الفنان المصري محمد عبد المطلب، والفنانة اللبنانية لور دكاش (صاحبة أغنية آمنت بالله)، وفريد الأطرش الذي انطلق منها من خلال إذاعة القدس بلحن أغنية " يا ريتني طير" من ألحان الفلسطيني يحيى اللبابيدي، وغنى فيها كل من أسمهان وعبد الوهاب والعديد غيرهم، وبعد احتلال فلسطين عام 1948م هاجر الفنانين الفلسطينيين إلى الأقطار العربية وعملوا في اذاعات دمشق والقاهرة وبغداد ولحنوا للعديد من المطربين العرب وأثروا الموسيقى العربية وأضافوا لها الشيء الكبير، مثال ذلك الفنان الفلسطيني محمد غازي الذي عمل في لبنان ودرب فيروز على الغناء الشرقي والموشحات، والفنان يحيى السعودي الذي كان له الأثر الكبير في إذاعة دمشق وروحي الخماش الذي استلم القسم الموسيقي في إذاعة بغداد وكان له دور كبير في الحفاظ وتطوير الموسيقى العربية، وفهد النجار كذلك والذي عرف بألحانه للفنانة الكبيرة سميرة توفيق، وأعاد الفنانون العرب غناء العديد من الأدوار لفناني فلسطين ومثال ذلك أغنية ماري عكاوي ( يا جارتي ليلى التي قدمتها الفنانة المصرية فايزة أحمد). بقلم أحمد الحرباوي