بدأ العمل التبشيري للبروتستانت/ الألمان في فلسطين في عام 1839م وكان حضورهم من أجل دراسة أوضاع الجاليات اليهودية في القدس ومدن فلسطين الأخرى، ولم تكن المؤسسات البروتستانتية مهتمة على الإطلاق بالسكان المسلمين في المنطقة، بل مُكرَّسًا بشكلٍ خاصٍ للبروتستانتية التبشيرية، من أجل مكافحة الكاثوليكية والاهتمام من جديد في اليهود، وقد أبدى هؤلاء المبشّرون جهلًا بكل ما يتعلق بجوانب الدين الإسلامي تقريبًا، لدرجة أنه لم يظهر في تقاريرهم وبياناتهم إلا باعتباره شرًا غامضاً يقف ضد مصالحهم اللاهوتية في معارضة الكاثوليكية، ويعرقل مهامهم في تحويل دين اليهود إلى مذهبهم. بدأت الكنائس اللوثرية والبعثات الألمانية العمل على حشد مؤيدين في فلسطين لمذهبها، وبدأ نشاطهم المكثف منذ منتصف خمسينيات القرن التاسع عشر، وفي عام 1879م تحول 35 من عائلات الروم الأرثدوكس من بيت لحم إلى المذهب البروتستانتي، وعام م1886 تم افتتاح كنيسة المانية في بيت جالا بشكل رسمي. من أهم العاملين في الكنيسة البروتستانتية من العرب والذين ساعدوا في كسب تأييد المجتمع العربي المسلم والمسيحي بمبادئها هم فرهود قربان وسعيد عبود وإسكندر حداد والذين كانوا مبشرين في الكنيسة الانجيلية العربية التابعة للجمعية الألمانية اللوثرية، التي اتسع عملها عام 1927م لتشمل أنشطة في التدريس والوعظ برئاسة سكرتير البعثة الألمانية مع ثلاث قساوسة عرب وست معلمين وعشر معلمات، قاموا بتدريس 550 طالب في بيت جالا وبيت لحم وبيت ساحور والخليل، وكان عدد المنتسبين للمدرسة والجمعية في مدينة الخليل 35 طالب و 22 عضو، ومع تطور المجتمع العضوي للجمعية تم استقدام مدرسين من دار الأيتام السورية وعين شديد حداد مسؤولًا للبعثة في مدينة الخليل وهو من مواليد لبنان 1895 وعمل مبشرًا نهاية الحرب العالمية الأولى بعد تخرجه من دار الأيتام السورية. في كتاب ((protestanten in Palästina: Heiligen Landes 1917-1939 للمؤلف الألماني "رولاند روفر" يذكر أن سبب اقبال أهل مدينة الخليل على مدرسة الكنيسة الانجيلية العربية اللوثرية هو كرههم لنظام التعليم البريطاني الحكومي بسبب سياسة بريطانيا العنصرية، وعملت المدرسة والكنيسة في الخليل حتى عام 1935م وتم نقل شديد حداد إلى بيت جالا لتغلق بعدها بسبب التوترات السياسية الداخلية والصراع الألماني البريطاني في أوروبا. كانت البروتستانتية التبشيرية القوّة المهيمنة وراء الوجود البريطاني في فلسطين، خلال القرن التاسع عشر، حيث تجّلت في كلٍّ من مؤسسات البعثات التبشيرية والأعمال الأثرية. عرّف المشاركون البريطانيون، الذين نشطوا ضمن هذه البعثات والتنقيبات الأثرية، أنفسَهم على أنهم مُناهضون بشكلٍ مباشرٍ للمعتقدات والممارسات الكاثوليكية، إلى جانب كونهم مناهضين للإسلام بشكل غير مباشر خوفًا من الأغلبية المسلمة في البلاد. كما اعتبروا أنفسهم جزءًا من مشروع إحضار المسيحية "النقيّة" إلى "الأرض المقدسة". ونظروا إلى أهمية فلسطين بناءً على تاريخها التوراتي وأهمّيتها للمجاراة المسيحية الغربية الدينية والسياسية، وكان هدف وجودهم هو دراسة آثار الأرض المقدسة من أجل إثبات الرواية التوراتية، ونقب الألمان في المواقع الأثرية في مدينة الخليل وأهمها موقع بئر حرم الرامة، وهم أول من نشروا أبحاثًا ترجع الموقع للنبي إبراهيم وفق روايتهم التوراتية، متغافلين اللقى الأثرية التي تُرجع تاريخ الموقع للعصر الكنعاني واليوناني والبيزنطي والإسلامي.